اتخذت الحرب الاقتصادية في اليمن أشكالاً وأساليب عدة، منها ما هو بطريقة مباشرة، تنفذها أطراف الصراع بنفسها، غير مباشرة تتم عبر وكلاء.
وفي حين تبدو الحرب الاقتصادية مفتوحة بين أطراف الصراع المحليين، فإن التحالف السعودي الإماراتي كان له اليد الطولى في نشوب واشتعال تلك الحرب، إلى جانب ما تقوم به إيران لإسناد ذراعها في اليمن.
عصا الاقتصاد ودور التحالف
استخدام الاقتصاد كوسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، من قبل المليشيا الحوثية، بدأ فعليا، قبيل انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، حيث اجتاحت الجماعة العاصمة صنعاء بدعوى إسقاط الجرعة السعرية التي كانت الحكومة قد اقرتها على المشتقات النفطية وهي زيادة لم تتعد 500 ريال لكل عشرين لتر.
وكان سعر الصفيحة البنزين 20 لتر بعد الزيادة 3500 ريال، (ما يعادل 16) دولار حينها.
عقب الانقلاب، سيطرت المليشيا الحوثية على جميع مفاصل الدولة بما فيها المؤسسات الإرادية، وهو ما جعل الحكومة في حكم العدم.
لكن، مع تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية عسكريا لدعم الشرعية، اختلف الامر في البداية حيث ترجحت كفة الحكومة، خصوصا مع نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن في اغسطس 2016، وهو ما جعل محاولات الحوثي، حينها، لضرب الشرعية اقتصاديا دون تأثير يذكر.
تحول مسار التحالف
لم تستمر القوة الاقتصادية التي اكتسبتها الحكومة عقب تدخل التحالف كثيرا، حيث بدأ الأخير معركة خارجة عن سياق أهدافه المعلنة، وذلك بشنه حرباً اقتصادية ضد الحكومة، بغرض أنهاك اليمنيين بصورة مباشرة، وسط تواطؤ هذه الأخيرة، من خلال وضع يده على أهم موارد البلاد ومنع استغلالها، وبشكل غير مباشر، عبر أدوات أنشأتها في جنوب البلاد، وبذلك باتت الشرعية تواجه حربا اقتصادية مزدوجة، من الحوثيين ومن التحالف وأدواته، ما جعلها تفقد أوراقها ونقاط قوتها، عاماً بعد عام، وقد كانت تفعل ذلك بارتهان تام.
أضعاف الشرعية وتقوية الانقلاب
التحالف الذي تقوده السعودية كان مكوناً من 10 دول عربية، بحسب بيان إعلان تشكيله وقتها، لكن فعلياً، لم يكن التحالف يتكون سوى من السعودية والإمارات، ومشاركة محدودة عسكرياً من بعض الدول كالسودان ومن مصر لوجستياً..
ورغم تأكيدات السعودية والامارات أن التدخل في اليمن هدفه حصرا دعم الشرعية ضد الانقلاب وأنه لا توجد أي أهداف أو مصالح أخرى، إلا أن ما حدث خلال السنوات الماضية أكد العكس تماماً.
خلال الأشهر الأولى من انطلاق عمليات التحالف، ذهبت الإمارات بمباركة السعودية الى انشاء تشكيلات مسلحة في الجنوب وسواحل تعز والحديدة مناوئة للشرعية ولا تعترف بها، دمجتها لاحقاً في قوتين، الأولى في الجنوب تحت مسمى "المجلس الانتقالي الجنوبي" المطالب بالانفصال، وتنضوي تحته عديد تشكيلات مرتبطة مباشرة هيكلياً بضباط إماراتيين والثانية في الساحل الغربي "القوات المشتركة" وكلاهما لا يعترفان بالشرعية.
وفي 2016، بدأت الإمارات ببناء قواعد عسكرية لها، في سقطرى وميون وحضرموت والحديدة وتعز، وفي ميناء بلحاف لتصدير الغاز بشبوة، وأحكم التحالف سيطرته على موانئ ومنافذ البلاد، وهو ما أدى إلى شل الحركة الاقتصادية وتوقفت معها اهم موارد الدولة.
واستمر الوضع كذلك حتى اغسطس 2019، حيث دعمت الإمارات المجلس الانتقالي لتنفيذ انقلاب ثان على الشرعية بعدن، قبل أن تقوم السعودية في ديسمبر من ذات العام برعاية "اتفاق الرياض" لإنهاء الانقلاب، وكان غطاء لشرعنته، إذ لم ينفذ منه سوى الشق السياسي حيث مشاركة الانتقالي في الحكومة.
واستمر الأمر كذلك حتى اجبار الرئيس عبدربه منصور هادي على نقل السلطة إلى مجلس رئاسي في 7 إبريل 2022 ويتكون من 7 أعضاء 4 منهم موالون للإمارات والآخرون يخضعون للنفوذ السعودي، وكانت الخطوة تشبه الطلقة الأخيرة في رأس الشرعية الدستورية والبلاد، كمقدمة للتمزيق وشرعنة سلطة مليشيا الحوثي.
أحدث تطورات الحرب الاقتصادية
مؤخرا، خرجت تسريبات من داخل الحكومة، تقول إن الاحتياطي النقدي للبنك المركزي على وشك الانتهاء، ليضطر محافظ البنك المركزي إلى نفيها، لكن تلك التسريبات حفزت المجلس الانتقالي على توجيه ضربة قوية للحكومة، ولم يستبعد مراقبون أن يكون الانتقالي هو من يقف خلف تلك التسريبات، كتمهيد لاتخاذ خطوات عملية كالتي أعلن عنها محافظي شبوة وعدن.
تلك التسريبات قوبلت بنفي الحكومة والبنك المركزي، واتهما جهات – لم يسمياها- بخلق اشاعات لإرباك الوضع، واكد محافظ البنك المركزي ان البنك يمتلك احتياطي لدى البنوك الأجنبية فوق ما يُتخيل، حد تعبيره.
الضربة الأخيرة التي وجهها المجلس الانتقالي للحكومة، تمثلت بإعلان محافظ عدن أحمد لملس، المحسوب على المجلس، بإيقاف وصول الإيرادات إلى البنك المركزي، في حين اتخذ محافظ شبوة عوض الوزير، الذي جاء للمنصب برغبة اماراتية، قرارا مماثلا، قضى بوقف نقل النفط خارج المحافظة.
وقال مسؤول في السلطة المحلية بشبوة، وفقا لوسائل اعلام موالية للمجلس الانتقالي، ان المحافظ اتخذ القرار "نتيجة تخاذل الحكومة عن أداء واجبها"، وهي ذات التهمة التي وجهها لملس للحكومة.
لكن محافظ العاصمة المؤقتة احمد لملس، تراجع عن قرار منع وصول الإيرادات إلى البنك المركزي، بعد أيام قليلة، وقال لملس إن استئناف تدفق الإيرادات إلى البنك جاء استجابة لتوجيهات رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
التخادم الحوثي الانتقالي
بحسب خبراء ومراقبون اقتصاديون، فإن الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه الحكومة اليوم، كان نتيجة حرب مزدوجة، شنتها مليشيا الحوثي بالتخادم مع أطراف أخرى يديرها التحالف، فضلاً عن إذعان الحكومة ورهن قرارها بيد التحالف.
وأضافوا أن الحرب الاقتصادية من جانب المجلس الانتقالي، بدأت بدفع التحالف للأخير إلى السيطرة على الموارد من خلال السيطرة العسكرية على المحافظات الجنوبية.
من جانبه، قال الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي، وفيق صالح، في حديث خاص لـ"الحرف28" إن "ما يحدث في المشهد الاقتصادي يأتي في اتجاه محاربة الحكومة في مواردها والقضاء على اقتصاد الشرعية".
وأضاف "لا يمكن بأي حال أن نفسر استمرار توقف تصدير النفط الخام منذ أكثر من ثمانية أشهر، خارج هذا السياق (يقصد القضاء على اقتصاد الشرعية)، إضافة إلى توقف الموارد الأخرى وضعف سيطرة الحكومة على الموارد المحلية
وكانت المليشيا الحوثية قد هاجمت بطيران مسير موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة، أواخر العام الماضي، ما أدى إلى توقف تصدير النفط.
واكد صالح ان "ما يحدث يمضي باتجاه تجفيف موارد حكومة الجمهورية اليمنية المعترف بها دولياً".
وتابع المتحدث ذاته "نحن نعرف أن عائدات النفط الخام تشكل المصدر الوحيد للنقد الأجنبي وتساهم بشكل كبير في رفد الموازنة العامة للدولة، واستمرار تعطيل تصدير النفط يضع الحكومة في موقف حرج جدا في الجانب المالي والاقتصادي". .
في السياق، سلطت دراسة بحثية حديثة الضوء على التحديات الهائلة التي تواجه الحكومة الشرعية في اليمن في سياق التطورات السياسية والاقتصادية الأخيرة وتراجع الدعم الذي تقدمه دولتا "التَّحالف" (السعودية والإمارات).
وقالت الدراسة الصادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، إن تراجع دعم التحالف لم يقتصر على الجانب المالي فقط، بل تجاوز ذلك ليشمل الجوانب السياسية والعسكرية. وأكدت أن هذا التكتيك الذي انتهجه التحالف السعودي الاماراتي يأتي ذلك في ظل حرص الدولتين على تجنب التصعيد في مواجهة جماعة الحوثي.
وأكدت ان السياسات المتراخية لدول التحالف تسمح للحوثيين باتخاذ تدابير تؤثر سلبًا بشكل كبير على الوضع المالي والاقتصادي للحكومة الشرعية فيما لا تزال بعض الشخصيات ذات النفوذ التابعة لـ"المجلس الانتقالي" تفرض سيطرتها على العديد من المصادر الإيرادية في عدن وبعض المناطق الأخرى. وعلاوة على ذلك، يستمر الانتقالي في عرقلة الحكومة وممارسة الابتزاز، على الرغم من أنه يشارك فيها.
وأشارت الدراسة إلى بعض التداعيات المحتملة لهذا الصراع، مثل تفاقم مشكلة الفقر والحرمان واستنزاف الاحتياطيات النقدية وتعذر استيراد السلع الاستراتيجية، بالإضافة إلى اختلال التوازن وعدم الاستقرار.
تغلغل الانتقالي في المؤسسات
في السياق، تحدثت مصادر حكومية لـ"الحرف28"، ان المجلس الانتقالي فرض تعيين الكثير من الشخصيات في مناصب حساسة بمؤسسات الدولة، منذ ما قبل الانقلاب بضغوط اماراتية، واتسعت رقعة التعيينات بعد انقلابه، وكان ذلك تحت مبرر الشراكة.
وأكدت المصادر ان الهدف من تلك التعيينات التي ركزت على المؤسسات الايرادية والادارية المالية والاقتصادية، بغرض استخدامها لخدمة حرب المجلس الانتقالي ضد الحكومة.
ووفقاً للمصادر فإن الحكومة فقدت الكثير من الإيرادات، خصوصا في المؤسسات التي يديرها المجلس الانتقالي.
تخادم الانقلابيين في أزمات السوق المصرفي
ومن اشكال التخادم الحوثي الانتقالي في ضرب الشرعية اقتصاديا، إغراق السوق المصرفي في الاسواق السوداء.
وحسب مصادر حكومية، فإنه في الوقت الذي تُحكم فيه مليشيا الحوثي قبضتها على المراكز الرئيسة لمعظم البنوك والمصارف وشبكات التحويل، فإن مناطق الشرعية غرقت بمحلات وشركات الصرافة، والتي تعمل بإشراف جهات وأطراف بالصراع، ومهمتها الاسهام في التلاعب بأسعار العملة المحلية وسحب واخفاء العملة الصعبة.
بحسب احصائية رسمية، غير معلنة، يبلغ عدد شركات ومحلات الصرافة في مناطق الشرعية، حتى 2020م،1300 شركة ومحل صرافة، 800 منها غير مرخصة، معظمها انشأت في سنوات الحرب.
البنك المركزي في عدن، اعترف صراحة أواخر العام الماضي بوجود شركات صرافة تزود مناطق المليشيا الحوثية بالوقود إلى جانب تعاملات المالية والتجارية.
اعتراف البنك جاء، في تعميم، في السادس من ديسمبر كانون الأول، لشركات ومكاتب الصرافة في اليمن يقضي بتجميد حسابات 12 شركة تزود المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بالوقود، وأمر التعميم بوقف التعاملات التجارية والمالية معها.
حملات تضليل
بعد أيام من بيانه الصادر عن اجتماع مجلس ادارته، عاود البنك المركزي، في بيان جديد، التحذير من حملات التضليل والتشويه التي تستهدفه.
البيان الاخير للبنك المركزي، جاء ردا على ما وصفها بـ"حملة الإستهداف الممنهج القائمة ضده والتضليل والمزاعم الكاذبة عن قيام إدارته بتحويل مبلغ 185 مليار ريال من إيرادات العاصمة المؤقتة عدن إلى محافظة مأرب".
وأوضح البنك "أن هذا المبلغ المزعوم قد تم قيده دفترياً من فرع مأرب إلى المركز في عدن كمبيعات نفط خارجيه بموجب طلب من المالية".
وأشار إلى أن "جميع مبيعات نفط مأرب الخارجية تدخل مباشرة إلى حسابات البنك المركزي بالخارج وليس لفرع مأرب أي صله فيها".
وذكر ان الإيراد تم بصيغة أرصده قديمة من فرع البنك المركزي في مأرب، دون أن يكون لهذه الأرصدة أي وجود نقدي فعلي سواء في المركز في عدن أو في الفرع في مأرب.
وحسب بيان البنك "حاولت بعض الوسائل الإعلامية تضليل الرأي العام وتوظيف هذا الإجراء لأغراض تتنافى مع أداب المهنة وحقيقة الاجراء المستند إلى معايير وقواعد ماليه راسخه يتم اتباعها والعمل بمقتضياتها".
واختتم البنك بيانه بالتأكيد على "أنه ليس بوارد الدخول في مهاترات عبر وسائل الإعلام مع أي جهة ولكنه اضطر الى التوضيح، اعمالاً لمبادئ الشفافية وايضاحاً للحقيقة، ومواجهة موجة الكذب والضجيج الفارغ".
توقف تصدير النفط وخدعة الوديعة
توقف تصدير النفط الخاضع لسيطرة الحكومة، بعد هجمات شنتها المليشيا الحوثية بطائرات مسيرة على موانئ النفط في حضرموت وشبوة، في نوفمبر 2023، وقد التزم التحالف الصمت بينما مارس مختلف الضغوطات على الحكومة بعدم الرد، بغرض الاستمرار في الهدنة المبرمة مع مليشيا الحوثي منذ مطلع إبريل 2022.
ورغم توقف المصدر الوحيد للعملات الصعبة من خلال وقف تصدير النفط بفعل الضغط الحوثي، فإن الخطوة الحوثية كانت مرضية للتحالف على ما يبدو، إذ أنه لم يقم بأي خطوة لتعويض المصدر الوحيد، علاوة على ذهابه لمكافأة الحوثي بفتح قنوات اتصال مباشرة وتبادل الزيارات كما حدث بين السعودية والمليشيات التي تشن حرباً اقتصادية على اليمنيين في كل مكان.
ويقول متابعون "حين كانت المليشيا الحوثية تهدد باستهداف الموانئ، فإنه كان بإمكان التحالف على الأقل تأمين تلك الموانئ بمنظومة دفاع جوي، لمجابهة التهديد كأقل إجراء يقوم به حليف وليس تكبيل الحكومة عن الرد وإيقاف الجبهات.
علاوة على ذلك، استهدفت المليشيا الحوثية النفط في حين كان الحديث يدور حول وديعة سعودية اماراتية بمبلغ ملياري دولار مناصفة، للبنك المركزي، لكن ما حدث ان الوديعة الإماراتية لم تصل منها سوى 300 مليون دولار، فيما الوديعة السعودية تحولت إلى قرض عبر صندوق النقد العربي، ولم تصل إلى البنك المركزي، بل أودع المبلغ في حساب الاخير لدى البنك الأهلي السعودي.
وفي هذا السياق، يقول الصحفي الاقتصادي، وفيق صالح إنه " مع تضاعف التحديات الاقتصادية في البلاد، كان من المفترض أن يبادر التحالف في تقديم التسهيلات للحكومة في السيطرة على الموارد واستئناف تصدير النفط والغاز، إضافة إلى تقديم دعم مالي مباشر للبنك المركزي اليمني، لكن على العكس نجد أن التنازلات في الجانب الاقتصادي والجوانب الأخرى تقدم للحوثيين".
ويرى صالح ان المليشيا الحوثية" هي المستفيد الأكبر من الهدنة المزعومة التي وفرت لهم مزايا مختلفة، وضيقت الخناق على الحكومة في الجانب الاقتصادي والمالي، مما أدى تدهور الوضع المعيشي لليمنيين".
كانت مليشيا الحوثي قد شرعت بإجراءات " انفصالية" لبناء اقتصاد خاص في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إذ فرضت مناطق جمركية لفرض رسوم على السلع والبضائع القادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وقبل ذلك قررت فصل العملة المحلية، ومنع تداول العملة الجديدة الصادرة عن الحكومة الشرعية، وهو ما تسبب في سرقة ونهب مئات مليارات الريالات من مدخرات المواطنين وحقوقهم عبر ما يسمى فوارق سعر الصرف، ومصادرة أموالهم بالعملة الجديدة.
هذه الإجراءات تتناغم مع رغبة المجلس الانتقالي في فرض أمر واقع في المحافظات الجنوبية، وهو يتخذ منها ذريعة لإحكام قبضته، بينما يمنح التحالف امتيازات كثيرة لمليشيا الحوثي، ففي حين يغلق الموانئ تحت سيطرة الشرعية فتح الباب واسعاً لمليشيا الحوثي في تشغيل ميناء الحديدة وتسهيل مرور السفن والشحنات التجارية، رغم طلب الحكومة معاملة مليشيا الحوثي بالمثل ومنع دخول المشتقات النفطية حتى يكف عن استهداف المنشآن النفطية ووقف التصدير.
الحكومة قالت مؤخرا، ان الهجمات التي شنها الحوثيون على المنشآت والموانئ النفطية، تسببت بخسائر اقتصادية منذ منتصف العام الماضي 2022، تصل إلى حوالي مليار دولار كانت مخصصة لتحسين الخدمات العامة ودفع المرتبات في أنحاء البلاد كافة.
وبحسب مصدر حكومي، فإن توقف تصدير النفط، كان السبب في تسارع تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية منذ مطلع العام الحالي، إضافة إلى الإجراءات التي كانت تستهدف إعادة تصدير الغاز الطبيعي المسال.
الدولار الجمركي في دائرة الحرب الاقتصادية
اتخذت الحكومة عدة قرارات لمواجهة الازمة التي خلفها توقف صادرات النفط، وفي مقدمتها اقرار زيادة سعرية في المشتقات النفطية تصل إلى 30٪ ورفع سعر الدولار الجمركي إلى 50 ٪، لكن تلك الزيادة، اعتبرها القطاع الخاص مجحفة، وطالب بإلغائها.
استغلت المليشيا الحوثية غضب الشركات من رفع الدولار الجمركي وقدمت تسهيلات للشركات الملاحية، وهو ما دفع بالكثير منها بتحويل مسار السفن إلى ميناء الحديدة بدلا من ميناء عدن.
بحسب محافظ البنك المركزي، فإن تحول مسار السفن إلى الحديدة، كبد الخزينة خسائر تزيد عن 350 مليار ريال، خلال فترة وجيزة.
خسائر كبيرة
كانت صادرات النفط والغاز تغطي نحو 75٪ من موازنة الدولة، والتي كانت تبلغ (14.5 مليار دولار) بحسب بيانات ميزانية عام2014.
تذكر بعض التقارير، ان اليمن كانت تصدر بين 100 و130 الف برميل نفطي يوميا، قبل اندلاع الحرب، التي أوقفت الإنتاج والتصدير حتى منتصف 2016
ورغم استئناف التصدير الا ان الرقم لم يتجاوز 58 الف برميل يوميا، فيما ما تزال الكثير من الحقول النفطية مجمدة، بضغوط وعراقبل وضعتها السعودية والامارات امام الحكومة، بحسب مصادر في وزارة النفط بالحكومة الشرعية.
فيما يتعلق بالغاز المسال، ما يزال تصدير متوقفا حتى اليوم، نتيجة تحويل الامارات، ميناء بلحاف الخاص بتصدير الغاز إلى قاعدة عسكرية.
أدى سيطرة الامارات على ميناء بلحاف في شبوة، ومنعها للحكومة من استئناف تصدير الغاز المسال القادم من مأرب، إلى تكبد خزينة الدولة خسائر كبيرة.
بحسب بيانات الحكومة في 2014، كانت صادرات الغاز تتجاوز 4 مليار دولار، وكان من المفترض ان يرتفع هذا الرقم بنسبة كبيرة خلال السنوات الماضية، نتيجة ارتفاع السعر العالمي للغاز.
اجمالا، تؤكد تقارير رسمية وأخرى صادرة عن الامم المتحدة، أنه حتى نهاية 2021، تكبد اقتصاد اليمن خسائر تقدر بـ 126 مليار دولار، وبات معظم سكان البلاد البالغ عددهم أكثر من 30 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.
ومع ذهاب التحالف إلى قطف ثمار تلاعبه بمسار الحرب ودفع البلاد نحو المزيد من التشظي من خلال العدوان الثلاثي الذي يشنه على اليمنيين متخادماً مع مليشيا الحوثي ومستخدماً تشكيلات الإنتقالي وبعض الأذرع المسلحة الموالية للإمارات، يدخل اليمنيون مرحلة هي الأخطر في تاريخمهم الحديث بحسب مراقبين.
وها هي الحرب، لم تنته بعد، في حين يجري تبريد كل شيئ وتسخينه وقت الحاجة بلا خطة واضحة أو نهاية مرتبة، وسط معركة لا تتوقف لضرب حياة اليمنيين وصناعة حفلات شواء من جلودهم بعد تدميرهم إقتصادياً.
المصدر: (موقع الحرف 28)