تواجه اليمن عدداً هائلاً من المشاكل أهمها القضية الجنوبية، وهي القضية التي تتعلق بمصير الوحدة اليمنية التي تمت في عام 1990. ومن الحلول المطروحة لحل هذه القضية، حل يقوم على فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية التي كانت قائمة قبل الوحدة، وآخر يقوم على استفتاء الجنوبيين لتقرير مصيرهم إما بالاستقلال أو الاستمرار في الوحدة بشكل من الأشكال.
وفي خضم الجدل حول أي حل أفضل من الآخر، يغيب عن المشهد الحديث حول الأساس القانوني لكلا الحلين، والذي يعد الفيصل الحاسم لإمكانية تحقيق أياً منهما، فغياب الأساس القانوني لفك الارتباط أو حق تقرير المصير يجعل من أمر تحقيق إي منهما أمرا مستبعداً، إن لم يكن مستحيلاً، وما يجعل الأمر على هذا النحو، طبيعة القضية المراد تحقيقها والتي تتمثل في تأسيس دولة جديدة، فإنشاء الدول، وفق البنية السياسية والقانونية للنظام الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يتطلب أسساً قانونية تمنحه صفة الشرعية، ومن ثم، القبول والاعتراف الخارجي والانضمام إلى الأمم المتحدة،وفي هذه الدراسة سنحاول مناقشة الأسس القانونية لحالتي فك الارتباط، وحق تقرير المصير وفقا للقانون الدولي والقانون المحلي اليمني، إضافة إلى استعراض لعدد من نماذج تأسيس الدول منذ الحرب العالمية الثانية، والأسس القانونية التي استندت عليها ومقارنتها بالحالة في الجنوب.
أهمية السند القانوني لتأسيس دولة جديدة:
تتأسس الدول بموجب قواعد معينة يحددها القانون الدولي، ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم تتأسس دولة جديدة دون أسس قانونية واضحة ومنها:
أن يكون الإقليم الذي ستتأسس عليه الدولة الجديدة مصنفاً ضمن المناطق المحتلة أو الخاضعة للاستعمار، بمعنى آخر أن لا يكون هذا الإقليم تابعاً لدولة ذات سيادة.
يمنع القانون الدولي الانفصال من جانب واحد.
في حالة الأقاليم التي تتبع الدول ذات السيادة، يتطلب تأسيس دولة جديدة على هذه الأقاليم الأمور التالية:
أن يكون هناك سند قانوني داخلي يجيز لها الانفصال أو حق تقرير المصير، من قبيل سماح الدستور لهذه الإقاليم بالانفصال أو حق تقرير المصير، وفي هذه الحالة فإن من حق الإقليم استخدام ذلك الحق وفقا للإجراءات المنظمة له، بغض النظر عن قبول الحكومة المركزية أو رفضها تفعيل هذا الحق.
في حال غياب نص قانوني يجيز الانفصال، يشترط القانون الدولي أن تقبل الحكومة المركزية انفصال هذا الإقليم عن الدولة الأم، ويكون هذا القبول إما عبر ترتيبات قانونية - سياسية تتم مع الجهة التي تمثل شعب الإقليم، أو القبول بالانفصال كأمر واقع.
التوصيف القانوني للجنوب والجنوبيين:
يعتبر القانون الدولي المناطق الجنوبية من اليمن جزءاً من أراضي الجمهورية اليمنية، وعليه فإن سكان هذه المناطق يعتبرون مواطنون تابعون للجمهورية اليمنية،ويأتي هذا التوصيف استناداً إلى الحقائق التالية:
أن هذا الإقليم وهؤلاء السكان قد أصبحوا بتلك الصفة، نتيجة للوحدة الاندماجية التي تمت بشكل طوعي وسلمي في 22 مايو 1990، بين الحكومتين الشرعيتين«1» اللتين كانتا تحكمان الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ووفقاً لتلك الوحدة تم إدماج الدولتين في دولة جديدة هي الجمهورية اليمنية، ومن ثم أصبحتا في حكم الملغيتين وفقا للقانون الدولي.
تعززت الوحدة الاندماجية بإضافة التأييد الشعبي لها من خلال الاستفتاء على دستور دولة الوحدة الذي تم في مايو 1991 من قبل سكان الجنوب والشمال«2»، وذلك الدستور كان ينص في مادته الأولى على: (الجمهورية اليمنية دولة مستقلة ذات سيادة، وهي وحد ة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والعالم الإسلامي) وهو ما يعني من الناحية السياسية والقانونية، قبول وتأييد سكان الجنوب والشمال للوحدة الاندماجية.
هل الجنوب منطقة محتلة؟
يصف بعض أنصار القضية الجنوبية الحالة في المحافظات الجنوبية بأنها حالة احتلال منذ حرب 1994،وهذا التوصيف، يمكن اعتباره توصيفاً سياسياً ليس إلا، لكنه من ناحية القانون الدولي غير صحيح، فحرب عام 1994 كانت وفقاً للقانون الدولي حربا أهلية سببها خلافات سياسية، وما يؤكد ذلك قراري مجلس الأمن الدولي رقم (924) و(931) ففي هذين القرارين - واللذان يعدان وثيقة قانونية دولية – أكثر من إشارة تؤكد ذلك من قبيل إشارة القرارين إلى أنهما يناقشان ( الحالة في الجمهورية اليمنية) وهذا التوصيف يؤكد على أن تلك الحرب كانت تجري في داخل دولة أسمها الجمهورية اليمنية وليس بين دولتين، وما يؤكد ذلك مرة أخرى الفقرة رقم (3) في القرار الأول والفقرة رقم (6) في القرار الثاني واللتان تشيران إلى: (الخلافات السياسية) وإلى (استئناف الحوار السياسي) وهذه التوصيفات لا تطلق إلا في المنازعات الداخلية، إضافة إلى ذلك لا توجد دولة في العالم تعتبر أن الجنوب منطقة محتلة. وهذا كله ينفي صفة الاحتلال من الناحية القانونية.
غياب السند القانوني لفك الارتباط:
يرى المطالبون بفك الارتباط، بأن دعوتهم تلك ليست مطالبة بالانفصال، كونها – من وجهة نظرهم - لا تطالب بإنشاء دولة جديدة، وإنما استعادة دولة كانت قائمة، ومعترفاً بها دولياً، وعضواً في الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية والإقليمية، وهذا الرأي من الناحية القانونية غير صحيح، لأن تلك الدولة قد ألغيت بموجب الوحدة الاندماجية، ولم يعد لها من وجود قانوني، ولا يملك أحدا تمثيلها، بما في ذلك الطرف الذي كان يحكم تلك الدولة وشريكا في تأسيس الوحدة، فهذا الطرف لا يمتلك إي سند قانوني يمنحه الحق بالتمثيل الحصري والدائم لتلك الدولة بعد إلغائها.
إن حالة فك الارتباط تتم في الاتحادات التي تتكون من دول مستقلة ذات سيادة، فيما يسمى بالاتحاد الكونفدرالي، ومن أمثلة ذلك الاتحاد الأوربي، ففي هذا الاتحاد بإمكان أي دولة عضو أن تفك ارتباطها بالاتحاد – وفق القواعد المنظمة لذلك – ولهذا فإن الدعوة لفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية لا يمكن وصفة إلا بأنه هرطقة قانونية ليس إلا.
غياب السند القانوني لحق تقرير المصير:
يبدو لأول وهلة أن المطالبة بحق تقرير المصير لسكان الجنوب يمتلك مبررات قانونية أكثر من مطلب فك الارتباط، لما يحمله من دلالات أخلاقية وإنسانية، إلا أن التمعن في هذا الموضوع يؤكد أن هذا المطلب هو الآخر لا يمتلك أي أسس قانونية، ونقصد بالأسس القانونية القانون الدولي والقانون المحلي، فالقانون المحلي (الدستور والقوانين اليمنية) يمنع أي مطالبة بتجزئة الدولة بأي شكل من الأشكال (نص المادة الأولى من الدستور) وفي أكثر من موضع تعتبر التشريعات المحلية اليمنية إي محاولة لتجزئة الدولة، جريمة جسيمة يعاقب عليها القانون.
أما ما يتعلق بالقانون الدولي فإن حق تقرير المصير أو مبدأ تقرير المصير المذكور في ميثاق الأمم المتحدة والعديد من وثائقها، لا ينطبق على الحالة في الجنوب على الإطلاق وسنبين هذا في النقاط التالية:
يقوم القانون الدولي على مبدأ سيادة الدول ووحدة أراضيها. ولكون سكان الجنوب جزء من مواطني الجمهورية اليمنية فإن حقوقهم وواجباتهم ينظمها الدستور والقوانين في الجمهورية اليمنية عملا بمبدأ السيادة. وما دام القانون اليمني لا يجيز لسكان الجنوب بأن يقرروا مصيرهم بالبقاء في الدولة أو تأسيس دولة جديدة فإن هذا العمل يعتبر غير شرعي، من وجهة نظر القانون الدولي، عملاً بمبدأ السيادة.
استقر الرأي القانوني، والسلوك الفعلي للدول والهيئات الدولية، على أن مبدأ تقرير المصير المذكور في وثائق الأمم المتحدة يشير إلى الآتي:
حق الدول ذات السيادة بأن تدير شئونها الداخلية دون تدخل من أي جهة خارجية عملا بمبدأ السيادة. وقد أتضح ذلك في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (2200) التي تقول في المادة رقم (49) الجزء الأول المادة الأولى ( لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي«3» والحرية في تقرير مركزها السياسي تشمل حق المحافظة على وحدة أراضي الدولة.
حق الشعوب الخاضعة للاحتلال أو الاستعمار بأن تختار بين البقاء تحت سيادة الدولة المحتلة، وفق ترتيبات معينة، أو تأسيس دولة خاصة بهم، أو الانضمام إلى دولة أخرى.
لا ينطبق حق تقرير المصير على أي جماعة تعيش داخل دولة ذات سيادة، كون هذا الأمر يتعارض مع مبدأ سيادة الدول ووحدة أراضيها، الذي هو أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي، ففي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (2626) يشير إلى أن “كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لأي دولة أو بلد أو النيل من الاستقلال السياسي لأي دولة او بلد تتنافى مع مقاصد الميثاق ومبادئه» «4».
يُفسر الكثير من فقهاء القانون الدولي صفة الشعب بالمعنى القانوني وليس بالمعنى الثقافي/العرقي، والشعب، وفقا لهذا التعريف، هو الشعب الذي يعيش في دولة ذات سيادة أو خاضع للاحتلال أو الاستعمار. ووفقا لذلك فإن الجنوبيين كانوا قبل الوحدة هم شعب جمهورية اليمن الديمقراطية أو ما كان يعرف بشعب اليمن الجنوبي، بينما أصبحوا بعد الوحدة ضمن شعب الجمهورية اليمنية، أو الشعب اليمني.
ويتماشى هذا التفسير والمنطق، إذ أن فتح الباب لأي جماعة (لغوية، أو دينية ، أو طائفية أو جهوية) لتقرر ما إذا كانت ترغب في الانفصال عن دولها الأم، سيؤدي إلى انهيار النظام الدولي. فجميع الدول، تقريبا، تتشكل من عدد من الجماعات الثقافية المختلفة، والسماح لها بالانفصال سيؤدي إلى نزاعات مع الجماعات الأخرى، وبالتحديد تلك التي تعيش معها في نفس المنطقة، فعلى سبيل المثال تقدم مدينة (كركوك) في العراق نموذجاً لهذه المشكلة، فهذه المدينة غنية بالنفط ويسكنها حالياً أربع جماعات هي: الأكراد ، والتركمان ، والعرب ، والأشوريون، ومنح كل جماعة حق تقرير المصير أمر مستحيل لأن كل قومية ترغب بأن تسيطر على المدينة، على أساس أنها تعود لها من وجهة نظرها،وفي الحالة اليمنية، فإن فتح الباب للجنوبيين بأن يقرروا مصيرهم سيفتح الباب أمام سكان بعض المناطق كمحافظة حضرموت لتطالب هي الأخرى بتقرير المصير والانفصال عن الدولة الجنوبية وهكذا.
الأسس القانونية لنماذج الانفصال التي تمت..
انفصال سوريا:
يعد نموذج الانفصال السوري الذي تم في 28 سبتمبر 1961، الأكثر شبها بمحاولة الانفصال التي حدثت في عام 1994 في اليمن، كما أن نجاح الانفصال السوري يدفع بدعاة استعادة الدولة الجنوبية للقيام بعمل مماثل في اليمن، ففي نموذج الوحدة المصرية السورية هناك نقاط تشابه كبيرة من قبيل؛ أن الوحدة تمت بين دولتين كانتا تتمتعان بالسيادة والاعتراف الدولي، وأن الانفصال تم من قبل الطرف السوري بدون موافقة الطرف المصري.
ومع ذلك، فإن هناك اختلافا كبيرا من الناحية القانونية والسياسية للنموذجين، ففي النموذج السوري، أضطر الرئيس عبدالناصر – رئيس دولة الوحدة آنذاك – للقبول بقرار الانفصال بعد أسبوع من حدوثه «5».
ففي خطاب للرئيس عبدالناصر يوم 5 أكتوبر 1961، أعلن فيه أنه قد طلب من وزارة الخارجية المصرية أن لا تعترض على طلب سوريا استعادة عضويتها في الأمم المتحدة والجامعة العربية، وقد أتى موقف الرئيس عبدالناصر نتيجة لعدد من الحقائق أهمها؛ عدم التواصل الجغرافي بين مصر وسوريا وصعوبة استعادة سوريا من الناحية العسكرية، ومعارضة الاتحاد السوفيتي – حليفه الرئيسي – لأي عمل عسكري لمنع الانفصال، إلى جانب الكلفة السياسية والنفسية التي كان سيدفعها في سبيل الحفاظ على الوحدة، ومن هنا فإن قبول الحكومة المركزية، الممثلة بحكومة القاهرة، لانفصال سوريا منح ذلك الانفصال الأساس القانوني، ومن ثم الاعتراف الدولي. أما في النموذج اليمني فإن الحكومة المركزية في صنعاء عام 1994 رفضت الانفصال ومنعته بالقوة العسكرية،وقد قبلت جميع دول العالم تقريبا ما آل إليه الوضع حينذاك.
ومن المتوقع أن أي محاولة انفصالية جديدة ستقابل بموقف مماثل، فالعلاقة بين اليمنيين في الشمال والجنوب لا تشبه بأي حال من الأحوال، العلاقة بين المصريين والسوريين، كما أن العالم الخارجي - الإقليمي والدولي - يعارض الانفصال، وكل هذه العوامل وغيرها تجعل من شبه المستحيل على أي حكومة في صنعاء أن تقبل بالانفصال، ومن ثم فإن النموذج السوري مختلف تماماً عن النموذج الجنوبي.
جنوب السودان:
كان جنوب السودان تابعاً لجمهورية السودان منذ استقلالها عام 1956، ولم يكن بالإمكان انفصال جنوب السودان دون الترتيبات التي تمت وجعلت من ذلك الانفصال شرعياً وقانونياً، والذي تم من خلال اتفاق طرفي النزاع - الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان - على اتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها في العاصمة الكينية (نيروبي) في يناير 2005، وبموجب هذه الاتفاقية تم اعتماد دستور انتقالي للسودان منح الجنوبيين الحق في تقرير مصيرهم عبر استفتاء يتم بعد 6 سنوات من بداية المرحلة الانتقالية، وهو ما تم في يناير 2011 وتم بموجبه انفصال جنوب السودان.
ارتيريا:
كانت ارتيريا إقليماً تحت سيطرة الاستعمار الإيطالي، وحين هُـزمت إيطاليا في الحرب العالمية الثانية أصبح الإقليم تحت السيطرة البريطانية، وفي عام 1952، انسحبت بريطانيا من ارتيريا، ضمن ترتيبات تمت من قبل الأمم المتحدة، تم بموجبها إنشاء اتحاد فدرالي بين أثيوبيا وإرتيريا، وقد منح ذلك الاتحاد إرتيريا حكماً ذاتياً واسع الصلاحيات تضمن إنشاء سلطة تشريعية وتنفيذية تتولى إدارة الإقليم، غير أن إمبراطور أثيوبيا – رئيس الاتحاد – ألغى الحكم الذاتي في عام 1962 وضم إرتيريا لأثيوبيا في مخالفة واضحة لترتيبات الأمم المتحدة، وقد اعتبر هذا الإجراء أحد الأسس القانونية للاستقلال، وقد تم الاستقلال بعد صراع مسلح بين حركات الاستقلال الإرتيرية والقوات الأثيوبية، انتهى بسيطرة الجبهة الشعبية لتحرير ارتيريا على كامل التراب الإرتيري، في نهاية حكم دكتاتور أثيوبيا (منجستو هيلا مريام) في عام 1991. وبعد أن سيطر الإرتيريون على منطقتهم رعت الولايات المتحدة مفاوضات بين الجبهة الشعبية لتحرير إرتيريا (الجهة المسيطرة على إقليم إرتيريا) والحكام الجدد لأثيوبيا - الذين كانوا قد تحالفوا معا أثناء صراعهم مع نظام (منجستو) - وقد أسفرت المفاوضات على أن يُمنح الإرتيريون الحق في إجراء استفتاء لتقرير مصيرهم، وهو ما تم في عام 1993 برعاية من الأمم المتحدة. وقد صوت الإرتيريون على الاستقلال تحت إشراف الأمم المتحدة بنتيجة بلغت (99.8 %)، وقد اعترف العالم بدولة إرتيريا استنادا للأسس القانونية التي ذكرناها.
تيمور الشرقية:
كانت تيمور الشرقية حتى عام 1975 مستعمرة برتغالية، وبعد خروج البرتغاليين أعلنت استقلالها، إلا أن القوات الاندونيسية غزتها وضمتها إليها، وقد رفض مجلس الأمن الإجراء الاندونيسي، ومن ثم أصبحت تيمور الشرقية وفق القانون الدولة منطقة محتلة، وحين انتهى النظام الدكتاتوري في اندونيسيا في نهاية تسعينات القرن العشرين، ضغطت الدول الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة على الحكومة الاندونيسية لتمنح سكان شرق تيمور حق تقرير المصير وهو الأمر الذي تم في 1999، تحت إشراف الأمم المتحدة، ووفقا لذلك، حصلت تيمور الشرقية على استقلالها من جديد.
دول الاتحاد السوفيتي:
كان دستور الاتحاد السوفيتي السابق يمنح الجمهوريات التي يتشكل منها حق الانفصال، وحين ضعفت السيطرة المركزية للدولة السوفيتية عام 1991 قرر رؤساء الجمهوريات السوفيتية استخدام ذلك الحق وقرروا فك الاتحاد، وكانت تلك الخطوة قد سبقتها خطوات مماثلة من قبل جمهوريات البلطيق (استونيا ولاتفيا و لتوانيا) ووفقاً لذلك تمت عملية الانفصال في الجمهوريات السوفيتية، لتصبح عملية الانفصال شرعية كونها أتت متوافقة مع دستور الدولة السوفيتية نفسها، وحين ظهرت حركات انفصالية داخل الدول المستقلة عن الاتحاد السوفيتي، كما حدث في الشيشان التابعة لروسيا، وأبخازيا واوسيتا الجنوبية في جورجيا لم يعترف العالم بشرعية تلك الحركات كونها تنتهك سيادة ووحدة الدول التي تنتمي لها.