قابلت أغلب القوى والمكوِّنات المؤثِّرة في المحافظات الجنوبية والشرقية بالرفض دعوة المشاركة في اللقاء التشاوري الجنوبي، الذي نظمة المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا خلال الفترة من 4-8 أيار/مايو في العاصمة المؤقتة عدن.
اللقاء ظهر وكأنَّه حوار انتقالي- انتقالي، بعد أن قاطعته القوى الفاعلة والمؤثرة في المحافظات الشرقية، ولم يشارك فيه سوى محافظ المهرة السابق، راجح باكريت، ورئيس المكتب السياسي للحراك الثوري الجنوبي، فادي باعوم، غير أن مخرجات ذلك اللقاء المثير للجدل، زاد مِن هواجس المتمسِّكين بخيار الوحدة اليمنية مِن وقوف دول إقليمية خلف تلك القرارات التي تمخضت عنه والقبول بها، كما تقول ورقة بحثية لمركز المخا للدراسات الاستراتيجية بعنوان «ماذا وراء لقاء المجلس الانتقالي التشاوري».
الورقة البحثية، التي نشرتها صحيفة القدس العربي، اعتبرت إعلان ما سُمِّي الميثاق الوطني الجنوبي، وتعيين عضوين جنوبيين مِن مجلس القيادة الرئاسي نائبين لرئيس المجلس الانتقالي، خطوة ترتِّب لمسار خطير يستهدف وحدة واستقرار اليمن، خاصة مع استمرار تغاضي التحالف السعودي الإماراتي عن تجاوزات الانتقالي، وعدم اعتذار عضوي مجلس القيادة الرئاسي عن قبول التعيين حتى اللحظة.
وحسب الورقة البحثية، فمثل هذا القرار يعد اختراقا وازنا للشرعية، فإلى جانب إضافة عضوين من مجلس القيادة الرئاسي إلى عضوية الانتقالي فهو يعني أيضا إلحاق قوات العمالقة بالمجلس وإحداث اختراق في الموقف الحضرمي الرافض لمساعي الانتقالي للسيطرة على المحافظات الجنوبية كما أنه يؤشر لإمكانية وجود مخطط يستهدف وحدة واستقرار اليمن.
فيما يتعلق بالارتباط بالإمارات تقول الورقة: المجلس صنيعة إماراتية، وأداة وظَّفتها للتَّنكيل ضدَّ خصومها، واجتثاث القوى السياسية والمكوِّنات الدينية والمجتمعية التي لا تتَّفق معها، وفي طليعتها حزب الإصلاح، والشَّخصيات السلفية التي لا تتماهى مع سياسات أبو ظبي. فقد تعرَّضت فروع حزب الإصلاح لاجتثاث وجودي، وأشكال مِن التَّنكيل على يد المجلس الانتقالي وتشكيلاته العسكرية والأمنية، وتعرَّض الكثير مِن أنصاره وأعضاء الجماعات السَّلفية المعتدلة للاغتيال، أو الاعتقال والإخفاء القسري، وغالبًا ما اتُّهم الانتقالي بأنَّه يقف خلف تلك الأعمال. ولكل ذلك ترفض الكثير مِن القوى الجنوبية الاستجابة لدعواته للحوار، ما لم يتخل عن التبعية المطلقة للإمارات، ويتحوَّل إلى قوَّة محلِّية تحرِّكها دوافع وطنية».
وتشير الورقة إلى نزعة الانتقالي نحو الهيمنة على المحافظات الجنوبية والشرقية سواء من خلال العمل العسكري الفج أو من خلال الاستقطاب والضم. كما تشير إلى مخاوف المكونات الجنوبية من فرض الانتقالي لرؤيته السياسية بينما تتمتع المكونات بتنوع في المواقف والرؤى.
فالانتقالي كما تقول الورقة البحثية، يستهدف بالتوقيع على ما سمي الميثاق الوطني الجنوبي «تكبيل القوى الجنوبية المعارضة له، والتَّعبئة ضدَّ مَن يتبنَّى موقفًا معارضًا للانفصال، أو يسعى لترتيب وضع سياسي لمحافظات أو مناطق معيَّنة خارج التصوُّر الذي يتبنَّاه الانتقالي (كما هو حاصل في محافظات حضرموت والمهرة وسقطرى) تحت دعاوى أنَّ ذلك الطرف خرج عن مبادئ الميثاق وإجماع الجنوبيين».
وترى الورقة أنه وفقا لعديد من المؤشرات فإن الإمارات تقف خلف اللقاء التشاوري، وما تبعه من قرارات؛ «فالشخصيات التي جرى تعيينها في رئاسة المجلس محسوبة كلها على أبو ظبي وعلى الأرجح أنها تعرضت لضغوط منها».
أما السعودية فحسب الورقة: «يبدو أن الجمود في ملف المفاوضات مع جماعة الحوثي دفع الرياض لغض الطرف عن تلك التطورات مع ما في ذلك من مخاطر كبيرة على وحدة اليمن وأمن السعودية على السواء».