تهدف إلى دعم الأنشطة الإنتاجية في مختلف القطاعات..

اليمن تبحث مع مؤسسات دولية بدائل تمويلية لدعم الاقتصاد ومواجهة الفقر

03-06-2023 23:38:36
more

بينما يأخذ الفقر والأزمة الغذائية منحى تصاعدياً في اليمن، تعاني خطط وبرامج مواجهة الأزمة الإنسانية والاقتصادية في البلاد من ترهل وضعف وتقلص في التمويل، ما فرض البحث عن البدائل المتاحة لتصميم منهجية تهدف إلى تطوير سياسات الدعم في جوانبها الاقتصادية والإنسانية.

ويشكو اليمنيون من انتشار الفقر وتسارعه، وسط تفاقم أزمة الغذاء متأثرة بعوامل هيكلية مزمنة زادت حدة وتيرتها في السنوات الأخيرة في البلاد نتيجة ارتفاع سعر الصرف وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية وانكماش الأنشطة الاقتصادية، بالتزامن مع انزلاق متواصل لليمنيين إلى الفقر بسبب أضرار التغيرات المناخية.

وفي الوقت الذي يطالب فيه اليمن بتغيير وتطوير سياسة الدعم والتمويل، وإعداد برامج لبناء مصادر الدخل بدلاً من الاعتماد فقط على المساعدات الإغاثية، تدرس الحكومة اليمنية مع منظمات أممية ومؤسسات تمويلية دولية، كبرنامج الأغذية العالمي خططاً تركز على دعم الاقتصاد اليمني كجزء محوري لمعالجة الأزمة الإنسانية، إضافة إلى تنفيذ الآليات المتفق عليها بين الحكومة والبرنامج لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.

تراجع الإنتاج

وتؤكد الحكومة اليمنية أهمية توجيه الدعم للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي كمدخل أساسي ومستدام لمعالجة وتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن.

وشدد مصدر حكومي مسؤول، فضّل عدم الإشارة لهويته، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على ضرورة معالجة الخلل في البرامج الاقتصادية وتطوير سياسات الدعم والتمويل، بما يساهم، بحسب حديثه، في الحد من عملية النهب للمساعدات الإغاثية من قبل الحوثيين، وتحقيق أثر ملموس من جانب آخر في برامج الدعم التي تستهدف بناء مصادر الدخل والمشاريع التنموية المجدية للاستدامة الاقتصادية.

فيما قال الخبير المتخصص في مجال الغذاء معاذ القادري، لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة الرئيسية التي تتصاعد في اليمن خلال الفترة الماضية تتمثل في الانخفاض التدريجي لقدرات إنتاج الغذاء والحصول عليه مع انهيار القدرة الشرائية التي تشمل نسبة كبيرة من الأسر في اليمن، الأمر الذي يؤثر على المجتمع بشكل عام وانتشار الأمراض الناتجة عن نقص الغذاء والتي تأخذ الحيز الأكبر من الاهتمامات التي من المفترض أن توجه لتنمية قدرات إنتاج الغذاء.

وأطلعت الحكومة اليمنية برنامج الأغذية العالمي على الإصلاحات التي تنفذها وأثرها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسيطرة على التضخم وسعر صرف العملة المحلية.

في السياق، اطلع "العربي الجديد" على خطط خاصة بالتغذية في اليمن أعدتها وزارة التخطيط والتعاون الدولي بالتعاون مع جهات ومنظمات أممية، منها خطة لمجابهة الهزال، إضافة إلى إعداد وثيقة المسارات الوطنية للنظم الغذائية في اليمن، والتي تعد بحسب مسؤولين في وزارة التخطيط والتعاون الدولي أداة أساسية لحشد الموارد المالية والفنية لتنفيذ التدخلات المحددة وفق نظم غذائية مستدامة.

ضرورة التكامل

من جانبه، نبّه الباحث الاقتصادي جمال راوح، في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أن ضعف إنفاق الأسر اليمنية خاصة على شراء الغذاء وصل إلى مستويات قياسية، بالتزامن مع تهاوي الإنفاق العام الذي يمكنه أن يلعب دوراً مهماً في مكافحة الفقر ومشاكل الغذاء، وكعامل في الاستقرار والنمو الاقتصادي.

ولفت إلى ضرورة تكامل البرامج والخطط التنموية والتمويلية والإنسانية مع جهود مماثلة لتحسين وتحصيل الموارد المالية العامة والتوظيف الأمثل لها، إلى جانب تفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة لمكافحة الفساد والحد من نهب هذه الموارد.

ويشكو برنامج الأغذية العالمي من نقص حاد في تمويل خطته القائمة على تلبية الاحتياجات المتزايدة في اليمن، محذراً من خطورة ذلك في وضع صعب "يثير القلق"، حيث لم يتلق حتى الآن سوى ما نسبته 20 في المائة فقط من التمويل اللازم لمواصلة تقديم المساعدات الغذائية لملايين المحتاجين من مايو/ أيار، إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

ووفق مصادر "العربي الجديد" شرح مسؤولون في المنظمة الأممية للحكومة اليمنية أن برنامج الأغذية العالمي سيضطر إلى تقليص نطاق المساعدات التي يقدمها، وذلك بسبب قلة الموارد وعدم توفر التمويل والذي نتج عن تصاعد مستوى الاحتياج الذي تمر به مناطق كثيرة في العالم، بينما أكدوا بالمقابل استمرار العمل الحثيث من أجل السعي للحصول على تمويل أكبر للمشاريع التي ينفذها في اليمن وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها من أجل إنقاذ حياتهم.

ويحتاج نحو 21.6 مليون شخص في اليمن، وفق تقديرات برنامج الأغذية العالمي، إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية في عام 2023، مع وجود 19 مليون مواطن إما في أزمة من الأزمات، أو في حالة من حالات الطوارئ، أو في مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي.

خطط سريعة

ويدرك اليمن الوضع الحرج بسبب نقص التمويل الذي قد يضطر منظمات إغاثية، ومنها برنامج الأغذية العالمي، لتقليص برامجها، وبالتالي حرمان الكثير من المستحقين هذا الدعم الإنساني المهم. وأعلنت الأمم المتحدة، في نهاية فبراير/ شباط الماضي، أنّ تعهدات المانحين الخاصة بدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2023 وصلت إلى 1.2 مليار دولار أميركي من 31 دولة، علماً أنّها في حاجة إلى 4.3 مليارات دولار لتغطية برامجها في خلال هذا العام.

وأشار منصور غانم، ناشط اجتماعي، لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية أن تكون البدائل المتاحة الهادفة لبناء مصادر الدخل سريعة الأثر في ظل تردي الأوضاع المعيشية الذي يشمل معظم سكان اليمن، بالنظر إلى مساهمة المساعدات الإغاثية، على الرغم من الاختلالات التي رافقت عملية توزيعها، في التخفيف، ولو بصورة نسبية، من معاناة كثير من اليمنيين المتأثرين بالحرب والصراع وبتبعات التدهور الاقتصادي والنقدي وعدم قدرة نسبة كبيرة من الأسرة اليمنية على توفير العدد الكافي من الوجبات اليومية.

وشرح أنه خلال الفترة الماضية كان هناك العديد من الخطط الاقتصادية المتعلقة بمكافحة الفقر ومشكلة الأمن الغذائي في اليمن والتي تواجه ضعفاً شديداً في عملية استيعابها وبطء تنفيذ ما أمكن منها، إذ تمثل مداخل رئيسية للتعامل مع الأزمات الاقتصادية في جوانبها الإنسانية والمعيشية والغذائية، كدعم برامج مساعدة الفئات الأكثر تضرراً من استمرار الحرب والصراع مثل صغار المزارعين والصيادين.

وتهدف هذه الخطط إلى العودة إلى الإنتاج من خلال دعم استعادة أنشطة الزراعة والثروة الحيوانية وصيد الأسماك بالتركيز على المدخلات الرئيسة وتوليد الدخل والمساعدة في سبل كسب العيش.

 

نقلا عن العربي الجديد