في الوقت الذي تتصاعد الأزمة الاقتصادية اليمنية في ظل اتساع العجز المالي، طالب صندوق النقد الدولي بالحفاظ على الزخم الإصلاحي وتعزيز جهود تحسين الرقابة على الإنفاق وتخطيط الموازنة والدفع بإصلاحات قطاع الكهرباء لخفض التكاليف وزيادة تحصيل الإيرادات.
وأكد صندوق النقد الدولي في ختام مباحثاته السنوية مع السلطات اليمنية التي جرت في العاصمة الأردنية عمّان، أخيراً، ضرورة الحفاظ على استمرار نظام المزادات الأسبوعي الذي يوفر العملة الأجنبية لتمويل الواردات الأساسية بصورة شفافة وبأسعار صرف السوق، وذلك للحد من التضخم ودعم استقرار سعر الصرف.
وحرمت الهجمات على مرافق تصدير النفط في تشرين الأول/أكتوبر 2022 الحكومة معظم إيراداتها بالعملة الأجنبية، التي تساوي حوالى نصف إيراداتها الإجمالية، فيما أدّى ذلك، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط عالمياً، إلى اتساع العجز في المالية العامة، إذ وصل بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي إلى 2.5% من إجمالي الناتج المحلي في 2022.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن يتسع هذا العجز أكثر في عام 2023 إذا لم تُستأنف صادرات النفط، بالرغم من خفض النفقات الضرورية.
في السياق، دعت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي إلى ردع ما وصفته بالحرب الاقتصادية التي اتهمت الحوثيين بشنّها على الشعب اليمني، وإجراءاتها التعسفية ضد القطاع الخاص والبنوك والقيود التي فرضتها على حركة الأفراد والسلع والمساعدات الإنسانية.
وقال مصدر حكومي مسؤول، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هناك تحركات واسعة للحد من تفاقم الأزمات الغذائية والمعيشية ورفع وتيرة الإصلاحات لتعزيز إدارة المالية العامة، بالتوازي مع تعرية الطرف الذي يقف خلف الأزمات الاقتصادية والإنسانية في اليمن، ليس منذ العام الماضي، بل منذ عام 2014، في إشارة إلى الحوثيين واستهدافهم لمرافئ تصدير النفط.
الخبير الاقتصادي ونائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق في اليمن، مطهر العباسي، يرى في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الوضع الراهن يتطلب توفير بيئة عمل شفافة وتعزيز أجهزة الرقابة والمساءلة لإيقاف الهدر والتسرب المتواصل للمال العام بطرق مختلفة، منها تضخم المنظومة الجبائية واستهداف القطاع الخاص ورؤوس الأموال.
ويشير إلى أهمية وضع حد للممارسات الهادفة إلى إنهاك الاقتصاد اليمني وتأزيم الأوضاع المعيشية والأزمة الغذائية.
الباحث الاقتصادي مراد منصور، يقول لـ"العربي الجديد"، إن "اليمن يمر بأزمة اقتصادية صامتة هي الأسوأ منذ عام 2015، في ظل انكشاف جميع الأطراف وممارساتها وتسببها بهذه الأزمة المعيشية ومعاناة اليمنيين".
واستطاعت الأمم المتحدة من خلال فعالية رفيعة المستوى للتعهدات في مارس/آذار 2023 من جمع 1.2 مليار دولار فقط من أصل 4.3 مليارات دولار ضرورية لمواجهة هذه الأزمة.
يوضح الباحث في معهد الدراسات المصرفية، فهد درهم، لـ"العربي الجديد"، أن التقدم المأمول من الإصلاحات الاقتصادية في جانب الموازنة وإدارة المال العام لا يزال ضعيفاً ودون المستوى، لذا تقتضي الضرورة إجراء تحسينات فعلية في هذه الجوانب وتفعيل أدوات السيطرة على سوق الصرف ومعالجة تداعيات الانقسام المالي.
(العربي الجديد)