في أقصى شرق اليمن تقع محافظة المهرة على مساحة جغرافية تتوزع بين الساحل والجبل والصحراء. ونظرا لموقعها الجغرافي الواسع والممتد على مساحة تقدر بحوالي (67297) كيلو متر مربعاً على تسع مديريات، جميعها تتسم بالتنوع الثقافي والتراثي الفريد، إذ يشعر المرء عند البحث والاطلاع على موروثها بالإبهار والدهشة لخصوصية هذه المنطقة وفرادتها، وهو الشعور الذي يدفع الباحث نحو التعمق والغوص في قراءة هذا الموروث البديع أكثر.
الموروث والعادات والتقاليد وبساطة الناس، جميع ذلك محل إعجاب ودهشة، وما يزيد تلك الدهشة الجهود والمساعي الشعبية والحكومية في الاحتفاظ بكل ذلك كجزء من تاريخ المحافظة الأصيل.
لغة تخاطب خاصة
تتميز المهرة بخصوصيات عدة في مقدمتها اللغة المهرية التي تحتوي وتنفرد بجملة من تلك الخصوصيات المصاحبة في يوميات وحياة الإنسان المهري الذي تميزه عن غيره وتعبر في مضمونها وشكلها عن ذائقة وجمال وأصالة هذا المجتمع.
ومثلما للأهالي فرادة في الموروث فإن لديهم لغتهم الخاصة، وعيد سنوي للاحتفاء بها هو الثاني من أكتوبر. تقام فيها مهرجانات خاصة باللغة المهرية على مدى أربعة أيام، تتخللها استعراضات فولكلورية للموروثات الشعبية المختلفة للحفاظ عليها وجعلها متجددة في أذهان الأجيال.
طقوس الزواج
بطريقة مباغتة تبدأ طقوس ارتباط الفتاة بشريك حياتها في محافظةِ المهرة، من خلال رمي الأب بمئزر على رأس أبنته، وهو تقليد يطلق عليه بالربط، تنفرد بها المحافظة دون غيرها.
وتختلف التقاليد المرتبطة بهذا الموروث باختلاف جغرافيا المنطقة، وبيئة القبيلة، لكنها تجتمع في طقوس الذبائح والأهازيج والرقصات.
تزيين العروس
يعتبر البياض من مقاييس الجمال في المهرة، ولذا وجدت طرق فريدة للحصول على بشرة بيضاء سواء في المناسبات أو بدونها.
ويأتي دور الكوافيرة لتزيين العروس والتي تسمى موسيت، حيث تقوم النساء بعملية خدش بسيط للأوردة الدموية الواقعة في جبهة العروس أو الرسغ، وذلك باستخدام قطعة من الزجاج ليخرج الدم بمقدار معين. بعدها يجري تقطير الدهون، إضافة إلى نقش الذقن تحت الشفة السفلى، ثم تعقد ضفائر الرأس بشكل معقد، وتوضع فيها أنواع من المكونات العطرية لتصبح ذات رائحة جميلة.
مراسيم الزفاف
تتعدد أوقات الزفاف، فمن الناس من يحدد الموعد من الصباح إلى المساء، وبعضهم يفضل أن يكون في المساء، وفي كلتا الفترتين تتساوى المراسيم والعادات والتقاليد.
تبدأ مراسيم الزفاف برجزيت الدان دان وزامل الهبوت، ويتضمن ترحيب قبيلة الزوجة بالضيوف باللغتين العربية والمهرية، وتستقبل كل قبيلة ضيوفها بشاعرها، وهو لون من الألوان الغنائية في الزفاف المهري وتختلف مسمياتها وقواعدها وتصنيفاتها، سواء أكانت جماعية أو فردية.
يؤدى هذا اللون في مناسبات الأعياد والأعراس والمؤتمرات القبلية، ويقوم بأدائه صف من الرجال مقسم إلى مجموعتين، كل مجموعة تؤدي بيتا من القصيدة، وتصحب هذا اللون رقصة تسمى زفنيت.
يلقى هذا اللون على فترتين الأولى تسمى رجزيت حيث تجري على هذا النحو وقد تمتد لساعتين يتخللها الرقص وسط دائرة كبيرة من الشعراء والراقصين.
أما في الليل فتقام مراسيم المحراس وتتكون قصيدة الدان دان من بيتين، وكل بيت من شطرين.
تأخذ المناسبة الليلية مساحة واسعة من الاحتفال بطريقة تقليدية تبدو أكثر وضوحا وجمالا في اللوحة الفنية والجمالية الآخذة للطقوس.