شهدت العاصمة اليمنية "المؤقتة" عدن جنوبي البلاد، نشاطا مكثفا لسفير الولايات المتحدة، ستيفن فاجن، الذي زارها نهاية الأسبوع الماضي، في خطوة أثارت تساؤلات عدة حول سياقات هذا النشاط الأمريكي.

وكان السفير فاجن قد وصل إلى عدن الخميس الماضي، على متن طائرة نقل تابعة لقوات مشاة البحرية الأمريكية وعدد من العسكريين والأمنيين، لم يفصح عن هوياتهم، والإشارة إلى أن السفير يزور المدينة الساحلية رفقة موظفين لدى سفارة واشنطن لدى اليمن، وهو ما يزيد الغموض أكثر عن النشاط الدبلوماسي لواشنطن في عاصمة البلاد المؤقتة.

المثير في الأمر أيضا، وفق مراقبين، أن السفير الأمريكي وصل عدن في ظل غياب قيادة الدولة اليمنية من رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي أو أي من أعضاء المجلس الحاكم، فضلا عن رئيس الوزراء، معين عبدالملك الغائب هو أيضا.

"نقاط عدة"

وفي السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، أن زيارة السفير الأمريكي إلى عدن تكشف العديد من النقاط، أهمها: "أن السفير فاجن والولايات المتحدة يعلمان أنه لا يوجد أحد من المسؤولين اليمنيين ومع ذلك توجه السفير بمفرده ومارس مهاما توحي بأنه صاحب القرار فشرع يلتقي بكل المكونات اليمنية وكأنه الحاكم الفعلي".

وأضاف الشجاع في حديث خاص لـ"عربي21": "الزيارة للسفير الأمريكي وضحت أيضا، أن سلطات الشرعية جميعها إما في فنادق الرياض أو أبو ظبي".

وأشار الأكاديمي اليمني إلى أن زيارة الدبلوماسي الأمريكي إلى عدن، فضحت شعارات جماعة الحوثي الكاذبة، حيث لم تقوم باستهداف السفير الذي نزل في قصر الرئاسة بمعاشيق عدن، وهو أمر يكشف حجم التخادم بين الطرف الأمريكي والطرف الحوثي.

كما أكد الشجاع وهو عضو اللجنة العامة بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقا على أن هذه الزيارة وبتلك الطريقة توحي بأن "واشنطن تتحكم بالملف اليمني وجميع من يعملون على الأرض مجرد أدوات لخدمة المشروع الأمريكي".

"انزعاج أمريكي"

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، ناصر الطويل، إن زيارة السفير الأمريكي إلى عدن، تأتي في سياق أمرين اثنين الأول يكمن في "وجود انزعاج أمريكي من حالة الانقسام التي شلت قدرات المجلس الرئاسي".

وتابع الطويل في حديثه لـ"عربي21" بالقول: "ولذلك يقوم السفير "فاجن" بجهود محاولة لملمة صف هذا المجلس".

وأضاف: أنه "قبل زيارة عدن كان السفير الأمريكي قد زار الإمارات والتقى عيدروس الزبيدي ومحافظ شبوة وعدد من قيادات المجلس الانتقالي هناك في أبوظبي ثم عاد إلى عدن".

ورجح الأكاديمي اليمني أن هذا النشاط يأتي في سياق اهتمام واشنطن بتوحيد مجلس القيادة الرئاسي، وهذا ليس هما أمريكيا بقدر ما هو هم أممي.

وقال، إن هناك رغبة دولية وضغوط متزامنة مع ذلك، لمحاولة تجاوز الانقسامات القائمة في المجلس الرئاسي.

أما الأمر الثاني المتعلق بزيارة سفير واشنطن إلى العاصمة المؤقتة للبلاد، فيرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن "ثمة انزعاج أمريكي غير معلن عن طريقة التعاطي السعودي مع الحوثيين".

وقال إن الإدارة الأمريكية، تنظر إلى طريقة تعامل الرياض مع الحوثيين أنها توفر لهم كثير ما يجعلهم في حالة من التعالي والنفور من العملية السياسية، على حد قوله.

وأضاف: "هذا الأسلوب من وجهة نظر- واشنطن ومؤسسات أمريكية أخرى، ليس مناسبا وتدعوا إلى لملمة المجلس الرئاسي وإعادة التوازن العسكري ربما بين السلطة الشرعية والحوثيين".

وشدد الأكاديمي اليمني على أن الرؤية الأمريكية ترى إلى أن هذا الأمر ضروريا لأي تسوية سياسية قادمة.

ويتصاعد النشاط الأمريكي بالموانئ والمحافظات الساحلية في اليمن، خصوصا الجنوبية والشرقية بشكل مثير للجدل، حيث قام سفير واشنطن، "ستيفن فاجن" منذ تعيينه في يونيو/ حزيران 2022، بزيارة محافظة حضرموت الساحلية على بحر العرب، مرتين.

وأثارت التحركات الأمريكية المخاوف في أوساط يمنية مختلفة، كونها تأتي في وقت غياب دولة ذات سيادة كاملة في اليمن، أو لديها القوة للتحكم بهذه الزيارات وأبعادها والترتيبات المستقبلية لها وتأثيراتها.

(عربي 21)