أعلنت أكثر من 40 منظمة يمنية غير حكومية، الأربعاء، في بيان مشترك "إعلان اليمن للعدالة والمصالحة" الذي يتضمن مطالب متعلقة بالعدالة والمصالحة كخطوة تمهد لتحقيق سلام عادل وشامل ومستدام في اليمن.
ويسعى الإعلان - الذي أُشهر خلال فعالية افتراضية نُظمت عبر تقنية الفيديو كونفرانس- للمساهمة في صياغة رؤية مشتركة للمجتمع المدني اليمني بشأن القضايا المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.
وقال ممثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في اليمن، رينو ديتال، في حديث له خلال الفعالية الإشهار، إن هذا الإعلان بداية لما قد يكون عملية طويلة تنتهي بسلام مبني على العدالة والمساءلة والعدالة الانتقالية.
وأكد ديتال على أن مكتب المفوضية يدعم "إعلان اليمن للعدالة والمصالحة" بما يضمن تحقيق السلام في اليمن.
إنهاء دورات العنف
وأبدت المنظمات التي وقعت على الإعلان التزاما جماعيا بالإقرار بالمظالم ومعالجتها من خلال نهج يستند إلى حقوق الإنسان، ضمن هدف مشترك لبناء مستقبل تشارك فيه جميع أطياف المجتمع اليمني.
وأشارت إلى ضرورة أن يُعترف بهذه المطالب في التسويات السياسية المستقبلية؛ مستنكرة التجاهل التاريخي لمظالم الشعب اليمني.
وأكد الموقعون على الإعلان التزامهم بإنهاء دورات العنف عبرَ السعي إلى المصالحة من خلال العدالة، لافتين إلى أن الافتقار للعدالة التصالحية والمصالحة في الماضي هو أحد العوامل التي ساهمت في دورات العنف المتكررة.
إعلان مستقل
ووفق البيان فإن "إعلان اليمن للعدالة والمصالحة" مستقل عن أي حزب أو سلطة سياسية، ويحدد المبادئ التي يراها الموقعون ضرورية للنهوض بحقوق الإنسان ولتحقيق سلام عادل وشامل ومستدام.
وشدد الإعلان، على أهمية معالجة الانتهاكات التي وقعت خلال النزاع الحالي وقبله، بما يحول دون تكرار العنف ودوراته مستقبلا؛ إذ أنه من غير الممكن تحقيق السلام دون معالجة الفظائع التي ارتكبت في الماضي.
وأشار إلى أن غياب العدالة يُبقي أسباب النزاع دون حل ويهدد بإثارة النزاع والمعاناة في المستقبل.
لافتا إلى أن إهمال المظالم السابقة أسهم كثيرا في النزاع المستمر، داعيا جميع أصحاب المصلحة إلى تجنّب الأخطاء المماثلة في المستقبل.
طريق للعدالة
ورفضت المنظمات والنشطاء الموقعون على الإعلان أي عملية سياسية تتجاهل دعوتهم للعدالة، أو تسعى إلى المساومة على مطالبهم في مقابل ما يسمّى بالاستقرار السياسي، حسب الإعلان.
وطبقا للإعلان فإن هذه الوثيقة تعد بمثابة مُنطلَق لخارطة طريق العدالة بعد انتهاء النزاع في اليمن، وهي تقر بالطابع المعقّد والمتنوع لمظالم اليمنيين.
ودعا الموقعون جميع الجهات الفاعلة المعنية في اليمن والمنطقة والمجتمع الدولي إلى الالتزام بالعدالة بعد انتهاء النزاع باعتبارها ركيزة أساسية للسلام في اليمن.
جبر الضرر والمساءلة
وطالب الإعلان بإشراك جميع اليمنيين بما فيهم النساء والشباب والأقليات والفئات المهمشة والضحايا والناجون ومنظمات المجتمع المدني في عملية السلام وصياغة مستقبل اليمن السياسي.
وأكد على منح الضحايا والمتضررين دورا رئيسيا في عمليات العدالة بعد انتهاء النزاع، والاعتراف بحقهم في الحصول على جبر الضرر والتعويضات عن الخسائر المادية والمعنوية والأضرار التي لحقت بهم.
وقال "ينبغي توفير الجبر والتعويضات لجميع الضحايا والأشخاص المتضررين دون أي شكل من أشكال التمييز، وينبغي ألا يعتبر هذا بديلا عن أي حق آخر مستحق لهم، وينبغي أن تكون التعويضات كافية وفعالة وسريعة".
وأبدى الإعلان رفضه الحصانات العامة أو العدالة الانتقائية، مشددا على ضرورة مساءلة جميع أطراف النزاع.
وقال: "لقد أفضى الفشل في معالجة الفظائع في الماضي إلى ثقافة الإفلات من العقاب عبر الأجيال، ما أدى بدوره إلى تهميش العديد من الضحايا والمجتمعات المحلية في اليمن".
كما طالب بعملية انتقالية تُقِر بحقوق الإنسان الكاملة للمرأة داخل المجتمع اليمني وتحترمها، وبعملية سياسية تشمل أصوات النساء وتجاربهن.
تدابير فورية
ووفق الإعلان فإن تنفيذ هذه الرؤية والمطالب يستلزم اتخاذ تدابير فورية على المدى البعيد، فيما أبدى الموقعون عليه استعدادهم للعمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين للشروع في هذه الخطوات.
ودعت المنظمات الموقعة على الإعلان إلى اتخاذ إجراءات إقليمية ودولية لدعم مطالب العدالة، والمضي قدما في المناقشات بشأنها في أقرب وقت ممكن.
ولفتت إلى أن تأخير العملية سيزيد من معاناة الضحايا والأشخاص المتضررين.