معلم البحر... سليمان بن أحمد المهري أشهر البحارة العرب في التاريخ

30-01-2024 17:02:21
more

شروين المهرة- رصد 

سليمان بن أحمد بن سليمان المهري، بحارٌ فلكيٌّ لقب بمعلم البحر، ينتسب إلى مهرة بن حيدان من بني قضاعة، كان من سكان جزيرة سقطرى اليمنية، ويعد من تلاميذ ابن ماجد، وأحد مشاهير علم الملاحة العربي.

يقول عنه الباحثين والمؤلفات التاريخية إنه لقب بمعلم البحر لدرجة أنهم وصفوه بخليفة الملاح العربي الشهير ابن ماجد؟ بل قال بعضهم؟ أن مؤلفاته أوفى وأشمل، ولا تقل أهمية عن مؤلفات ابن ماجد، وتتضمن علوم البحر وأنوائه، وأحوال النجوم والرياح، ووصف الطرق البحرية بين بلاد العرب، والهند، وجاوة، والصين منها خمس رسائل نشرها المستشرق الفرنسي جبريال فران مع رسائل لابن ماجد هي:

قلادة الشموس واستخراج قواعد الأسوس

تحفة الفحول في تمهيد الأصول

المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر

شرح تحفة الفحول في تمهيد الأصول

كتاب العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية

الأرجوزة السبعية

يقول المفكر والعالم اللغوي المصري الدكتور شوقي ضيف: خلف ابن ماجد ربان من سندت البحر، وملاحيه هو سليمان بن أحمد المهري، وله في الملاحة كتب لا تقل أهمية عن كتب ابن ماجد، بل لعلها أوفى وأشمل في بيانها لأحوال الملاحة في المحيطين الهندي والهادي حتى بحر الصين.

وقد درس فران أعمال سليمان المهري البحرية دراسة وافية، وعن فضل سليمان بن أحمد المهري وشيخه ابن ماجد، قالت دائرة المعارف الإسلامية وكتب ابن ماجد وسليمان المهري هي ذروة ما بلغه العرض من معرفة في الجغرافيا البحرية، وكان هذان البحاران يستخدمان خرائط بحرية بارعة

 

من المضمون أنها كانت تتوفر فيها خطوط الزوال والمتوازيات المرسومة وكذلك كانا يستخدمان عدة آلة دقيقة وينتفعان أقصى انتفاع بالمعارف الفلكة في الملاحة.

قيمة المهري في الجغرافيا الملاحية

أضاف سليمان المهري كثيرًا إلى علم البحار، وصحَّح الأرقام الخاصَّة بالجداول البحريَّة التي أوردها ابن ماجد، ورتَّب المسافات البحريَّة الموافقة للارتفاعات المختلفة المقيسة بالأصابع لتحديد الأمكنة على الخريطة البحريَّة.

وقد وصل المـَهْري إلى نتيجةٍ مفادها أنَّ المعرفة بالشئون البحريَّة إنَّما تقوم على أساسٍ مزدوجٍ من سلامة التفكير والخبرة العمليَّة، وأشار دي سلان De Slane إلى أسلوب المهري ووصفه أنَّه يحفل بالغرابة وكثرة المصطلحات الفنِّيَّة التي لايتسنَّى فهمها إلَّا لملَّاحي المحيط الهندي دون غيرهم.

وعلى الرغم من أنَّ نشاط المهري كان في عهد سيطرة البرتغاليِّين، فإنَّه لم يتأثَّر بهم؛ بل كان مذهبه العلمي في التأليف شرقيًّا خالصًا.

على أنَّ الأهم أنَّ منهج الشيخ سليمان المهري كان معتمدًا على التجرية والملاحظة؛ فقد ترعرع المهري وعاش على شاطئ المحيط الهندي يُراقب هيجانه وهدوءه، ويُلاحظ تغيُّرات الأنواء فيه وهبوب الرياح عليه، ولذلك جاءت معارفه مستنبطة من التجربة الحقَّة، فإنَّه في مواقع كثيرة من كتابه "العمدة المهرية في العلوم البحرية" يُؤكِّد على المعارف التجريبيَّة؛ فعنده أنَّ التجربة أثبت وأوفى من النظريَّة، والتي يُكنِّيها بالمعارف العقليَّة، ولكنَّه مع ذلك لا يستهين بها، ولا يتمُّ كمال المعرفة إلَّا بتوافرهما معًا، وفي ذلك يقول: "فإن قيل أصح العقلي أم التجريبي؟! أقول: أي. فإن قال قائل: أي العلمين أصح؛ العقلي أم التجريبي؟! قلت: وفي بعض التجريب، وفي بعض العقل. أقول: أي بعض العقليَّات أصحُّ من بعض التجريبيَّات وبعض التجريبيَّات أصحُّ من بعض العقليَّات.

وهذا البحث أعلى المراتب لأنَّه يحتاج الى تمييز العقليَّات من التجريبيَّات وترجيح بعضهما على بعض، وكذلك لمحقِّقي الفن. قلت أمَّا الدير والمواسم تجريبٌ محض، وتصوير الكواكب في الأفلاك وقواعد الحساب في الأعداد والأرفاق وما تولَّد منهما عقلٌ محض، والقياسات والمسافات تجريبٌ وعقل".

وفي مقامٍ آخر من كتابه نفسه يقول: (أقول: أي أصل علم البحر، إنَّما هو مستخرج من نظر العقل مع استكمال التجربة، وهما أصلان له).

ومن خلال إيمانه بثبوت التجربة كأصلٍ من أصول علم البحار وفنِّ الملاحة، فإنَّه لا يقتنع بما أورده السلف وما وضعوه من نظريَّات؛ بل كان يُطابق النظريَّة بتجربته، فإن توافقت وإلَّا فإنَّه يُعارضها، ويعتمد ما جرَّبه، وفي ذلك يقول: (وأمَّا وضعي من الأوزام في الترفات وما بين الأخنان التي وضعتها في كتابي المسمَّى بالمنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر، فهو أقرب للصحَّة من صنعهم المتقدِّم).

فالتجربة عنده أساسيَّة لاستكمال بلوغ أعلى المراتب في علم البحار، وما دام أساس علم الملاح المهري مصدره التجربة بتوافقها مع النظريَّة، فإنَّ ما كتبه سلفه من الربابنة وعلماء الفلك، وهم الذين خاضوا التجربة في مواقع تختلف عن موقع تجربته وأقاموا عليها نظرياتهم وعلمهم أنَّ ما كتبه هؤلاء لا يتَّفق في بعضه مع ما توصَّل إليه من نتائج ووضعه من نظريَّات، ولذا نشأ خلافٌ بيِّنٌ في المعارف، ولم يُناقشها أحدٌ من الباحثين؛ فلقد كانت مصنَّفات ابن ماجد ومن سبقه من الرحَّالة والملَّاحين العرب أكثر شهرةً وانتشارًا من مصنَّفات المهري، التي اكتُشفت ملحقة في مجلَّدٍ واحدٍ برسائل ابن ماجد.

تاريخ وفاة سليمان المهري

كما لم تُحدِّد المصادر تاريخ مولد المهري، فإنَّها كذلك لم تُحدِّد تاريخ وفاته، وقد تعدَّدت الآراء في ذلك، فذكر فريق من العلماء أنَّ وفاته بعد عام (917هـ=1511م) عندما كان حيًّا وقت تصنيف كتابه العمدة المهرية، وذكر آخرون أنَّه تُوفِّي سنة (950هـ=1543م)، بينما ذكر فريقٌ ثالثٌ أنَّه تُوفِّي نحو سنة (961هـ=1554م).

.............................................................................................................................

المصادر والمراجع:

-مركز اللغة المهرية للدراسات

- المهرة ذكريات وخواطر وأشجان المؤلف: الدكتور أمين عبدالله محمد اليزيدي

-  إغناطيوس يوليانوڤتش كراتشكوڤسكي: تاريخ الأدب الجغرافي العربي، ترجمة: صلاح الدين عثمان هاشم، الناشر: دار الغرب الإسلامي - بيروت، 1987م.

- فياض سكيكر: سليمان المهري، الموسوعة العربية العالمية